كيف للأمعاء أن تتواصل عن كثب مع دماغنا؟

 

· خاص بالموقع

ترجمة انتقائية وتعليق: الباحث الدكتور حسام رعد

في أحدث وأجمل الدراسات العلمية:  الميكروبات المعوية قادرة على تنظيم وتعديل الالتهابات الدماغية

لقد ثبت الآن أن الأمعاء تتواصل عن كثب مع دماغنا، لا سيما من خلال "الميكروبيوتا".

في الواقع، تؤثر بلايين البكتيريا والفيروسات التي تتعايش في أمعائنا على عمل دماغنا. وفي حالة عدم التوازن، يمكن أن تلعب هذه الجراثيم المعوية دورًا في تطور الأمراض العصبية والنفسية لأنها ترفع من نسبة الإجهاد التأكسدي الذي تحدثنا عنه مسبقا (أنه البوابة الواسعة لكل الأمراض الجسدية والنفسية)، وتجري العديد من الدراسات العلمية لفهم هذه العمليات بشكل أفضل.

على نقيض هذا الدور، أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature منذ فترة أن الجراثيم المعوية قد يكون لها "وظيفة وقائية" من خلال تنظيم مجموعة من خلايا الدماغ التي تساعد في مكافحة الالتهابات الدماغية.

نشاط مضاد للالتهابات لمجموعة من خلايا الدماغ:

تحاط الخلايا العصبية بأنواع أخرى من الخلايا الوفيرة جدًا والتي تسمى بالخلايا الدبقية. من بين هذه  الخلايا هناك قسم منها يسمى الخلايا النجمية، والتي لا تزال وظائفها غير معروفة بشكل كامل حتى الآن. لطالما اعتُبرت الخلايا النجمية مجرد خلايا "دعم مادي" لأنسجة المخ والخلايا العصبية، لكنها في الواقع تؤدي وظائف أكثر تنوعًا، كشريك ناشط للخلايا العصبية، فهي تشارك بشكل مباشر في تعديل وتنظيم النشاط العصبي داخل المشابك (synapses)، وتلعب أيضًا دورًا في التحكم في تدفق الدم الدماغي، وتجديد الأنسجة العصبية، والتهابات الأعصاب.

في الواقع، برز مؤخرًا دور "مضاد للالتهابات" تلعبه الخلايا النجمية، ولكن لا يُعرف الكثير حتى الآن عن هذه الوظيفة وكيفية تنظيمها.

سعى باحثون من مستشفى بريغهام والنساء في كلية الطب بجامعة هارفارد (بوسطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، إلى توصيف أفضل لهذه الوظيفة الوقائية المضادة للالتهابات والتي تلعبها الخلايا النجمية.

لقد نجحوا في تسليط الضوء على مسار جديد مضاد للالتهابات تنظمه الجراثيم المعوية.

باستخدام تقنيات متقدمة لتحليل الجينات والبروتينات والخلايا، حدد هؤلاء الباحثون مجموعة فرعية جديدة من الخلايا النجمية الموجودة بالقرب من السحايا (الأغشية المحيطة بالجهاز العصبي المركزي) والتي تنتج بروتينات خاصة مثل LAMP1 و TRAIL.

"هذه الخلايا النجمية الخاصة" قادرة على الحد من التهابات الدماغ  عن طريق "تحفيز موت" الخلايا التي تشارك في الاستجابة المناعية و"تعزز الالتهابات" ونعني بها "الخلايا التائية".

والآلية المستخدمة في التحكم في هذه الخلايا النجمية تتضمن "جزيء مؤشر" يدعى الإنترفيرون-غاما.

 بشكل ملحوظ ومثير للاهتمام، وجد الباحثون أن "الجراثيم المعوية" هي التي تحفز انتاج الانترفيرون غاما في خلايا السحايا والتي بدورها ترسل رسالة إلى الخلايا النجمية الخاصة (التي تتنج LAMP1 و TRAIL) لتحفيز قدرتها المضادة للالتهابات.